فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِيهِ مِنْ قِرَاءَتِهِمْ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ هَلْ هُوَ مِمَّا يَدْخُلُهُ الإِعْرَابُ فَيَكُونُ كَمَا قَرَأَهُ مَنْ قَرَأَهُ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ أَوْ بِخِلاَفِ ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ دُخُولِ الإِعْرَابِ إيَّاهُ فَيَكُونُ كَمَا قَرَأَهُ مَنْ قَرَأَهُ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّبَبِ الَّذِي فِيهِ نَزَلَتْ ‏{‏إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ‏}‏ الآيَةَ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ جَمِيعًا قَالاَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الأَسَدِيُّ قَالَ‏:‏ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ إلَى الْيَمَنِ فَكُنْتُ فِيهِمْ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ فَيَأْتِي السَّهْمُ بِرِمَايَةٍ فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}‏.‏

وَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَهُمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَأْتِي السَّهْمُ بِرِمَايَةٍ فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} إلَى آخِرِ الآيَةِ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ كَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَسْلَمُوا وَكَانُوا يَسْتَخْفُونَ بِالإِسْلاَمِ فَأَخْرَجَهُمْ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَهُمْ بَعْضُهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ كَانَ أَصْحَابُنَا هَؤُلاَءِ مُسْلِمِينَ وَأُكْرِهُوا فَاسْتَغْفِرُوا لَهُمْ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ إلَى آخِرِ الآيَةِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ، الَّذِي وَصَلَهُ بِمَا تَلَوْتَهُ عَلَيْنَا مِنْ قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي هَذِهِ الآيَةِ {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} وَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذُنُوبٌ فَيُعْفَى لَهُمْ عَنْهَا‏.‏

وَالْعَفْوُ فَإِنَّمَا يَكُونُ عَنْ مُسْتَحَقِّي الْعُقُوبَاتِ بِذُنُوبِهِمْ‏,‏ وَهَؤُلاَءِ لاَ ذُنُوبَ لَهُمْ فِيمَا ذُكِرُوا بِهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَاتِ عَلَيْهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَعَوْنِهِ أَنَّ الْعَفْوَ عَفْوَانِ فَعَفْوٌ مِنْهُمَا هُوَ الْعَفْوُ الَّذِي ذُكِرَ وَعَفْوٌ مِنْهُمَا هُوَ رَفْعُ الْعِبَادَةِ فِيمَا يُرْفَعُ فِيهِ فَيُعَادُ لاَ عِبَادَةَ فِيهِ يَجِبُ بِالْقِيَامِ بِهَا الثَّوَابُ وَيَسْتَحِقُّ بِالتَّرْكِ لَهَا الْعِقَابَ‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ شَيْئًا قَدْ كَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَعَفَا لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ‏,‏ وَلَكِنَّهُ عَلَى التَّرْكِ لَهُمْ إيَّاهُمْ بِلاَ حَقٍّ عَلَيْهِمْ فِيهِمْ وَلاَ عِبَادَةٍ تَعَبَّدُوا بِهَا فِيهِمْ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَدَعُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَلَمَّا بَعَثَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحَلَّ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا حَرَّمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا أَحَلَّ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ حَلاَلٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ‏.‏

فَكَانَ مَعْنَاهُ فِي قَوْلِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ الْعَفْوَ عَنْ عُقُوبَاتِ ذُنُوبٍ كَانَتْ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ بِهِ تَرْكَ مَا عُفِيَ لَهُمْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ بِلاَ عِبَادَةٍ تَعَبَّدَهُمْ بِهَا يُوجِبُ إتْيَانُهُمْ بِهَا لَهُمْ الثَّوَابَ وَيُوجِبُ تَرْكُهُمْ الإِتْيَانَ بِهَا عَلَيْهِمْ الْعِقَابَ فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، عَفْوُهُ، عَزَّ وَجَلَّ، الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا عَلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً بِقَوْلِهِ {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} وَقَوْلُهُ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ‏.‏

هُوَ عَلَى إيجَابِهِ الْعَفْوَ مِنْهُ لَهُمْ إذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْمَقَامِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ حِيلَةٌ فِي التَّحَوُّلِ عَنْهُ‏,‏ وَفِي الاِنْتِقَالِ مِنْهُ إلَى ضِدِّهِ فِي الأَمَاكِنِ الْمَحْمُودَةِ فَرَفَعَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَتَعَبَّدْهُمْ فِيهِ بِمَا تَعَبَّدَ بِهِ مَنْ سِوَاهُمْ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ لاَ تَرَاءَى نَارَاهُمَا‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا‏.‏

وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي وَعِيدٍ غَلِيظٍ فَرَفَعَ اللَّهُ مِثْلَهُ عَنْ الْمُقِيمِينَ فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ بِلاَ اسْتِطَاعَةٍ مِنْهُمْ الْهَرَبَ عَنْهَا وَالتَّحَوُّلَ مِنْهَا إلَى الأَمْكِنَةِ الْمَحْمُودَةِ وَرَفَعَ عَنْهُمْ التَّعَبُّدَ فِي ذَلِكَ بِهَذَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِيهِ مِنْ قِرَاءَتِهِمْ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ هَلْ هُوَ مِمَّا يَدْخُلُهُ الإِعْرَابُ فَيَكُونُ كَمَا قَرَأَهُ مَنْ قَرَأَهُ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ أَوْ بِخِلاَفِ ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ دُخُولِ الإِعْرَابِ إيَّاهُ فَيَكُونُ كَمَا قَرَأَهُ مَنْ قَرَأَهُ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَائِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ سَبَإٍ مَا هُوَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ رَجُلٌ وَلَدَ عَشْرَ قَبَائِلَ فَسَكَنَ الْيَمَنَ سِتَّةٌ وَالشَّامَ أَرْبَعَةٌ فَأَمَّا الْيَمَانِيُّونَ فَمَذْحِجُ وَكِنْدَةُ، وَالأَزْدُ، وَالأَشْعَرُونَ، وَأَنْمَارٌ وَحِمْيَرُ عَرَبًا كُلَّهَا وَأَمَّا الشَّامِيُّونَ فَلَخْمٌ وَجُذَامٌ وَعَامِلَةُ وَغَسَّانُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامِ الْخَزَّازُ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سَفْرَةَ النَّخَعِيُّ هَكَذَا هِيَ فِي كِتَابِي وَهَكَذَا حَفِظْتُهَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ هُوَ أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ هَكَذَا ثَنَاهُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّسَبِ يَقُولُونَ الْغُطَيْفِيُّ وَهُوَ حَيٌّ مِنْ مُرَادٍ قَالَ أَتَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ أَلاَ أُقَاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي بِمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ‏؟‏ قَالَ بَلَى ثُمَّ بَدَا لِي فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ لاَ بَلْ أَهْلُ سَبَإٍ فَهُمْ أَعَزُّ وَأَشَدُّ قُوَّةً فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَذِنَ لِي فِي قِتَالِ سَبَإٍ وَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي سَبَإٍ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا فَعَلَ الْغَطَفَانِيُّ‏؟‏ فَأَرْسَلَ إلَى مَنْزِلِي فَوَجَدَنِي قَدْ سِرْتُ فَرَدَّنِي فَلَمَّا أَتَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ قَالَ اُدْعُ الْقَوْمَ فَمَنْ أَجَابَك مِنْهُمْ فَاقْبَلْ وَمَنْ لَمْ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِ حَتَّى تُحْدِثَ إلَيَّ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا سَبَأُ‏؟‏ أَأَرْضٌ هِيَ أَوْ امْرَأَةٌ‏؟‏ قَالَ لَيْسَتْ بِأَرْضٍ وَلاَ امْرَأَةٍ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشَرَةً مِنْ الْعَرَبِ فَأَمَّا سِتَّةٌ فَتَيَامَنُوا‏,‏ وَأَمَّا أَرْبَعَةٌ فَتَشَاءَمُوا‏,‏ فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَلَخْمٌ وَجُذَامُ وَغَسَّانُ وَعَامِلَةُ‏.‏

وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَالأَزْدُ وَكِنْدَةُ وَحِمْيَرُ وَالأَشْعَرِيُّونَ وَأَنْمَارٌ وَمَذْحِجُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا أَنْمَارٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ هُمْ الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَلَمَّا تَأَمَّلْنَا ذَلِكَ وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ لاَ بَلْ أَهْلُ سَبَإٍ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبَإٍ أَرْضٌ فِيهَا الْمُنْتَسِبُونَ إلَى سَبَإٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا مَا هُوَ فَوْقَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ فِي كِتَابِهِ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ الْهُدْهُدِ فِي قَوْلِهِ لِسُلَيْمَانَ صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ‏}‏ فَكَانَ ذَلِكَ أَيْضًا قَدْ وَكَّدَ أَنَّهُمْ سُكَّانُ أَرْضٍ تُدْعَى سَبَأً‏,‏ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ سَبَأً كَمَا سُمِّيَتْ الْقَبَائِلُ فِي الْبُلْدَانِ فَقِيلَ هَمْدَانُ لِلْقَبِيلَةِ الَّتِي نَزَلَتْهَا هَمْدَانُ‏,‏ وَقِيلَ مُرَادٌ لِلْقَبِيلَةِ الَّتِي نَزَلَتْهَا مُرَادٌ‏,‏ وَقِيلَ حِمْيَرُ لِلْقَبِيلَةِ الَّتِي نَزَلَتْهَا حِمْيَرُ فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قِيلَ سَبَأٌ لِلْقَبِيلَةِ الَّتِي نَزَلَهَا مَنْ يَرْجِعُ بِنَسَبِهِ إلَى سَبَإٍ فَإِنْ كَانَ الاِسْمُ لِلأَرْضِ وَجَبَ أَنْ لاَ يُجْرَى‏,‏ وَإِنْ كَانَ لِسُكَّانِهَا‏;‏ لأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ بِأَنْسَابِهِمْ إلَى سَبَإٍ الرَّجُلِ الَّذِي وَلَدَهُمْ فَهُمْ قَبِيلَةٌ‏.‏

فَوَجَبَ أَنْ يُجْرَى فَعَادَ الاِخْتِيَارُ إلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهَا لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ لاَ إلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَنْ قَرَأَهَا بِإِجْرَاءِ الإِعْرَابِ فِيهَا وَمَنْ قَرَأَهَا بِتَرْكِ إجْرَاءِ الإِعْرَابِ فِيهَا مَنْ هُمْ فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ‏:‏ قَرَأَ الأَعْمَشُ مِنْ سَبَإٍ بِخَفْضِ سَبَإٍ وَتَنْوِينِهِ وَعَاصِمٌ كَمِثْلٍ وَحَمْزَةُ كَمِثْلٍ، وَنَافِعٌ كَمِثْلٍ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ كَمِثْلٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَلَفٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ مِنْ سَبَإٍ كَمِثْلٍ وَيَجْعَلُهُ رَجُلاً قَالَ‏:‏ وَابْنُ كَثِيرٍ يَقْرَأُ مِنْ سَبَإٍ بِنَصْبٍ وَأَبُو عَمْرٍو كَمِثْلٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْحَسَنِ كَمِثْلٍ وَيَجْعَلُهَا أَرْضًا‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَلَفٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ يَعْنِي عَنْ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ لاَ يَصْرِفُهُ كَمِثْلٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا وَلَّادًا النَّحْوِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسَاكِنِهِمْ فَمَنْ نَوَّنَ جَعَلَهُ أَبًا لِلْقَبِيلَةِ وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ جَعَلَهَا أَرْضًا وَوَجَدْنَا الْفَرَّاءَ قَدْ ذَكَرَ عَنْ الرُّؤَاسِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلاَءِ كَيْفَ لَمْ تُجَرَّ سَبَأٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَسْتُ أَدْرِي مَا هُوَ‏,‏ قَالَ الْفَرَّاءُ‏:‏ وَقَدْ ذَهَبَ مَذْهَبًا إذْ لَمْ يَدْرِ مَا هُوَ وَذَكَرَ أَنَّ الْعَرَبَ إذَا سَمَّتْ بِالاِسْمِ الْمَجْهُولِ تَرَكُوا إجْرَاءَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَقَدْ ذَهَبَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مَا قَدْ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ‏,‏ وَفَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ الْغَطَفَانِيُّ فَأَمَّا الاِخْتِيَارُ عِنْدَنَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي هَذَا فَهُوَ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو وَمَنْ وَافَقَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مُوَافَقَتَهُ إيَّاهُ عَلَيْهِ‏;‏ لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ رَجُلاً فَقَدْ عَادَ إلَى أَنْ صَارَ قَبِيلَةً كَمَا قِيلَ ثَمُودُ وَهُوَ رَجُلٌ فَلَمْ يُجَرَّ وَرُدَّ إلَى الْقَبِيلَةِ فَمِثْلُ ذَلِكَ سَبَأٌ لَمَّا رُدَّ إلَى الْقَبِيلَةِ كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي انْتِفَاءِ الْجَرِّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ لَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْهُ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانُوا يَعُدُّونَ الآيَاتِ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ سَمِعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِخَسْفٍ فَقَالَ كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اُطْلُبُوا مَنْ مَعَهُ فَضْلُ مَاءٍ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَصَبَّهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَشَرِبْنَا مِنْهُ قَالَ عَبْدُ اللهِ وَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَنَحْنُ نَأْكُلُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَاحْتَمَلَ قَوْلُ عَبْدِ اللهِ كُنَّا نَعُدُّهَا بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا أَيْ‏:‏ إنَّا كُنَّا نَعُدُّهَا بَرَكَةً‏;‏ لأَنَّا نَخَافُ بِهَا فَنَزْدَادُ إيمَانًا وَعَمَلاً فَيَكُونُ ذَلِكَ لَنَا بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا وَلاَ تَعْمَلُونَ مَعَهَا عَمَلاً يَكُونُ لَكُمْ بِهِ بَرَكَةً‏,‏ وَلَمْ يَكُنْ مَا قَالَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه عِنْدَنَا مُخَالِفًا لِمَا جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ قَوْلِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، ‏{‏وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا‏}‏ أَيْ تَخْوِيفًا لَكُمْ بِهَا لِكَيْ تَزْدَادُوا عَمَلاً‏,‏ وَإِيمَانًا فَيَعُودُ ذَلِكَ لَكُمْ بَرَكَةً وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ أَسَرَّهُ هَلْ لِمَنْ كَانَ أَسَرَّهُ إلَيْهِ أَنْ يُبْدِيَهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ‏؟‏

قَدْ رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا حَدِيثَ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي اجْتِمَاعِ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَجِيءِ فَاطِمَةَ ابْنَتِهِ عليها السلام إلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ وَسِرَارِهِ إيَّاهَا بِمَا سَارَّهَا بِهِ حَتَّى بَكَتْ‏,‏ وَسِرَارِهِ إيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا سَارَّهَا بِهِ حَتَّى ضَحِكَتْ‏,‏ وَسُؤَالِ عَائِشَةَ إيَّاهَا عَنْ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَإِبَائِهَا عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهَا بِذَلِكَ‏,‏ وَقَوْلِهَا عِنْدَ ذَلِكَ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنْ حَقٍّ لَمَا أَخْبَرْتِنِي تَعْنِي مَا كَانَ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّهُ إلَيْهَا‏,‏ وَقَوْلِهَا لَهَا أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ إنَّهُ لَمَّا سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الآُولَى قَالَ إنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الآنَ مَرَّتَيْنِ‏,‏ وَإِنِّي لاَ أَظُنُّ أَجَلِي إِلاَّ قَدْ حَضَرَ فَاتَّقِي اللَّهَ فَنِعْمَ السَّلَفُ لَك أَنَا فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ ثُمَّ سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقَالَ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الآُمَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ‏.‏

قَالَ فَفِي‏:‏ هَذَا الْحَدِيثِ كِتْمَانُهَا سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهَا بِمَا كَانَ أَسَرَّ بِهِ إلَيْهَا فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَإِخْبَارُهَا بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَكَيْفَ جَازَ لَكُمْ أَنْ تَرْوُوا هَذَا عَنْهَا عليها السلام وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ سِوَاهَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ‏؟‏ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا حَتَّى رَأَيْتُنِي قَدْ فَرَغْتُ مِنْ خِدْمَتِهِ قُلْت يَقِيلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجْت مِنْ عِنْدِهِ فَإِذَا غِلْمَةٌ يَلْعَبُونَ فَقُمْت أَنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إلَى الْغِلْمَةِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ دَعَانِي فَبَعَثَنِي إلَى حَاجَتِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ يَعْنِي يَنْتَظِرُنِي حَتَّى آتِيَهُ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي الْحِينَ الَّذِي كُنْتُ آتِيهَا فَقَالَتْ مَا حَبَسَك‏؟‏ قُلْت رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي إلَى حَاجَةٍ قَالَتْ مَا هِيَ‏؟‏ قُلْت إنَّهُ سِرُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ أُمِّي احْفَظْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ فَمَا حَدَّثْتُ بِتِلْكَ الْحَاجَةِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ لَوْ كُنْتُ مُحَدِّثًا بِهَا أَحَدًا كُنْتُ مُحَدِّثُكِ بِهَا‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ كُنْت فِي غِلْمَانٍ فَأَتَى عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ وَقَعَدَ فِي الْجِدَارِ أَوْ فِي ظِلِّ الْجِدَارِ حَتَّى رَجَعْت إلَيْهِ فَلَمَّا أَتَيْت أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ مَا حَبَسَك‏؟‏ قُلْت أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرِسَالَةٍ قَالَتْ مَا هِيَ‏؟‏ قُلْت إنَّهَا سِرٌّ قَالَتْ فَاحْفَظْ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا أَخْبَرْت بِهَا أَحَدًا بَعْدُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ ثُمَّ أَسَرَّ إلَيَّ حَدِيثًا لاَ أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ مِنْ زَوْجِهَا وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ‏.‏

قَالَ عُمَرُ فَلَقِيت عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ قَدْ بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَضْتهَا عَلَيْهِ فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ‏,‏ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيَّ شَيْئًا فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَخَطَبَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَحْتُهَا إيَّاهُ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّك وَجَدْت عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إلَيْك شَيْئًا‏؟‏ قُلْت نَعَمْ قَالَ‏:‏ إنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلاَّ أَنِّي عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلْتُهَا‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ عُمَرُ لَقِيت عُثْمَانَ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ‏:‏ وَإِذَا كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ كَتَمَا سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَأَخْبَرَا أَنَّهُمَا لاَ يُحَدِّثَانِ بِهِ أَحَدًا أَبَدًا فَمِنْ أَيْنَ جَازَ لِغَيْرِهِمَا مِمَّنْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذِهِ الآثَارِ إفْشَاءُ سِرِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُوجِبُ ذَلِكَ‏.‏

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرٍ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ حَدِيثًا فَالْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَطَاءٍ ابْنُ ابْنَةِ أَبِي لَبِيبَةَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إذَا حَدَّثَ الإِنْسَانُ حَدِيثًا فَرَأَى الْمُحَدَّثُ الْمُحَدِّثَ يَلْتَفِتُ حَوْلَهُ فَهِيَ أَمَانَةٌ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ‏:‏ فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْبَرَ بِالْمَنْعِ مِنْ إفْشَاءِ السِّرِّ فِي حَيَاةِ صَاحِبِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ فَاطِمَةَ مِمَّا أَسَرَّتْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَحَدَّثَتْ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا لَمَّا ظَهَرَ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّهُ إلَيْهَا فَجَازَ لَهَا بِذَلِكَ لَمَّا خَرَجَ عَنْ السِّرِّ إلَى ضِدِّهِ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ عَنْهُ‏,‏ وَإِنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فِيمَا كَانَ مِمَّا اعْتَذَرَ بِهِ إلَى عُمَرَ كَانَ كَذَلِكَ‏;‏ لأَنَّهُ ظَهَرَ فَصَارَ غَيْرَ سِرٍّ فَانْطَلَقَ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَأَمَّا مَا رَوَيْنَاهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ لَمْ يَظْهَرْ فَفَعَلاَ مَا هُوَ مَفْرُوضٌ عَلَيْهِمَا مِنْ كِتْمَانِهِ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ إذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ حَدِيثًا فَالْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ أَيْ إنَّهَا أَمَانَةٌ ائْتُمِنَ عَلَيْهَا الْمُحَدَّثُ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَخْفِرَ أَمَانَتَهُ وَيُفْشِيَ سِرَّهُ‏;‏ لأَنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ ذَهَابُ ذِمَّةٍ أَوْ مَا سِوَاهُ مِمَّا يُفْسِدُ أَحْوَالَهُ عَلَيْهِ فَخَرَجَ بِحَمْدِ اللهِ مَا رَوَيْنَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِقًا لِمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي مِقْدَارِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنْ الْبُرِّ وَمِمَّا سِوَاهُ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ وَعَبْدٍ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ فَعَدَّ لَهُ النَّاسُ بِمُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

وَحَدَّثَنَا‏:‏ بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَجَاءَ النَّاسُ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ قَالَ فَعَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ فَجَاءُوا بِهِ فَقَبِلَ مِنْهُمْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَصَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ إلَى هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دُونَ مَا سِوَاهُمَا مِنْ الأَجْنَاسِ وَتَعْدِيلُ النَّاسِ بَعْدَهُ ذَلِكَ بِمُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ أَيُّوبَ هَذَا الْحَدِيثُ بِزِيَادَةِ جِنْسٍ آخَرَ سِوَى هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مَعَ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالآُنْثَى صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ بُرٍّ قَالَ ثُمَّ عَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مِمَّا سِوَاهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ أَيُّوبَ تَابَعَ ابْنَ شَوْذَبٍ عَلَى زِيَادَةِ هَذَا الْجِنْسِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَمِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَلَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِمَا فِيهِ فَكَيْفَ وَقَدْ اجْتَمَعَا جَمِيعًا عَلَى خِلاَفِهِ فِي ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى خَطَئِهِ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ عَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مِمَّا سِوَاهُ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلُوا صِنْفًا مَفْرُوضًا بِبَعْضِ صِنْفٍ مَفْرُوضٍ مَعَهُ‏,‏ وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُعْدَلَ الْمَفْرُوضُ مِمَّا سِوَاهُ مِمَّا لَيْسَ بِمَفْرُوضٍ‏.‏

ثُمَّ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ غَيْرَ أَيُّوبَ كَمَا رَوَاهُ حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ لاَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْهُ مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِمَا فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِيهِ مِنْ تَعْدِيلِ النَّاسِ بَعْدَهُ وَمِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَا مِثْلَ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرَا التَّعْدِيلَ وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ الْبَصْرِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏,‏ رضي الله عنهما قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالآُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّعْدِيلَ‏.‏

وَمِنْهُمْ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ كَمَا فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ التَّعْدِيلَ وَمِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَطَاهِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ قَالاَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي حَدِيثَيْ حَمَّادٍ وَحَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ جَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَكَانَ هَؤُلاَءِ الْجَمَاعَةُ بِمَا رَوَوْا عَنْ نَافِعٍ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ أَيُّوبُ فِي حَدِيثَيْ حَمَّادٍ وَحَمَّادٍ أَوْلَى‏,‏ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ أَيُّوبَ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ فِي مِقْدَارِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا‏؟‏ فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ كُنَّا نُعْطِي زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ كُنَّا نُخْرِجُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ‏.‏

وَحَدَّثَنَا‏:‏ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ إمَّا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَإِمَّا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَإِمَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ وَإِمَّا صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَإِمَّا صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا وَكَانَ فِيمَا كَلَّمَهُ النَّاسُ فَقَالَ أَدُّوا مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ قَيْسٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ قَالَ‏:‏ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا أَنَا فَلاَ أُخْرِجُ إِلاَّ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانُوا فِي صَدَقَةِ رَمَضَانَ مَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ أَقِطٍ قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ قُبِلَ مِنْهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا‏:‏ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ‏(‏ح‏)‏ وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالاَ‏:‏ ثنا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ عِيَاضَ بْنَ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ إنَّمَا كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَاعَ تَمْرٍ أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ أَوْ صَاعَ أَقِطٍ لاَ نُخْرِجُ غَيْرَهُ فَلَمَّا كَثُرَ الطَّعَامُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ جَعَلُوهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَقَالَ‏:‏ لاَ أُخْرِجُ إِلاَّ مَا كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ‏؟‏ فَقَالَ لاَ تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لاَ أَقْبَلُهَا‏,‏ وَلاَ أَعْمَلُ بِهَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِيمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ذِكْرُ مَا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَفِي بَعْضِ ذَلِكَ أَوْ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ بِغَيْرِ ذِكْرِ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَفِيهَا كُلِّهَا ذِكْرُ مَا سِوَى هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مِنْ الأَجْنَاسِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ الْمَذْكُورُ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْهَا الْحِنْطَةُ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى أَدَاءً وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى تَطَوُّعٍ مِنْ الْمُؤَدِّينَ وَأَوْلَى مِنْهُ مَا حَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ عَمَّا فَرَضَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا وَمَا عَدَلَهُ النَّاسُ بَعْدَهُ مِمَّا جَعَلُوهُ عِدْلاً لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَجْنَاسِهِ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إنْكَارُ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ لَهَا‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَعَوْنِهِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمْ يُنْكِرْ الْقِيمَةَ‏,‏ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ الْمُقَوِّمَ‏,‏ وَالْقِيمَةَ فَلَمْ تَكُنْ مِنْ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ‏,‏ وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ النَّاسِ الَّذِينَ يُوجَدُ تَقْوِيمُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الَّذِي أَنْكَرَ أَبُو سَعِيدٍ تَقْوِيمَهُ فَرَجُلٌ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ الصُّحْبَةُ‏,‏ وَمَعَهُ الْفِقْهُ فَهُوَ فِي ذَلِكَ مَعَ مَنْ تَابَعَهُ حُجَّةٌ مَعَ أَنَّا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إخْبَارَهُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهَا نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ مَرْوَانَ بَعَثَ إلَى أَبِي سَعِيدٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِزَكَاةِ رَقِيقِك فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ لِلرَّسُولِ إنَّ مَرْوَانَ لاَ يَعْلَمُ إنَّمَا عَلَيْنَا أَنْ نُعْطِيَ لِكُلِّ رَأْسِ عَبْدٍ كُلَّ فِطْرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ فَدَلَّ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ إنْكَارَهُ مَا أَنْكَرُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِيمَا رُوِيَ مَرْفُوعًا فِيمَا كَانَ مُؤَدِّي فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحِنْطَةِ أَنَّهُ نِصْفُ صَاعٍ كَمَا حَدَّثَنَا‏:‏ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ الأَيْلِيُّ قَبْلَ أَنْ أَلْقَاهُ ثُمَّ لَقِيتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ كَمَا حَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُدَّيْنِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالاَ ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَسْمَاءَ ابْنَةَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَهْلِهَا الْحُرِّ مِنْهُمْ وَالْمَمْلُوكِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِالْمُدِّ أَوْ بِالصَّاعِ الَّذِي يَقْتَاتُونَ بِهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا‏:‏ الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ‏(‏ح‏)‏ وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعِ مِنْ بُرٍّ أَوْ قَالَ قَمْحٍ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ قَمْحٍ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا أَعْطَى‏.‏

فَفِيمَا رَوَيْنَاهُ‏:‏ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَنْ أَسْمَاءَ ذِكْرُ مَا يُؤَدُّونَهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الْقَمْحِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ نِصْفَ صَاعٍ وَفِي حَدِيثِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَدَاءِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الْبُرِّ فَفِي ذَلِكَ‏:‏ مَا قَدْ وَكَّدَ أَمْرَ النِّصْفِ الصَّاعِ مِنْ الْبُرِّ‏.‏

وَدَلَّ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِمَّا كَانُوا يُخْرِجُونَهُ مِنْ الْبُرِّ حِينَئِذٍ كَانَ عَلَى التَّبَرُّعِ مِنْهُمْ‏,‏ وَالزِّيَادَةِ فِي الْخَيْرِ لاَ عَلَى الْفَرْضِ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ الْكُوفِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَخَالَفَ فِيهِ النُّعْمَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بَكْرٌ الْكُوفِيُّ أَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ خَطِيبًا فَأَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعَ تَمْرٍ أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَوْ قَالَ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جُنَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَالَ فَهَذَا بَكْرٌ قَدْ خَالَفَ النُّعْمَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ مَا خَالَفَهُ فِيهِ‏,‏ وَلَكِنَّهُ قَصُرَ عَنْهُ‏.‏

وَمَنْ زَادَ شَيْئًا كَانَ أَوْلَى مِمَّنْ قَصُرَ عَنْهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا رَوَاهُ النُّعْمَانُ وَقَدْ وَجَدْنَا جُلَّةً مِنْ التَّابِعِينَ قَدْ أَخْبَرُوا أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الْحِنْطَةِ مُدَّيْنِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا‏:‏ الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ‏(‏ح‏)‏ وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قَالاَ‏:‏ قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ يَقُولُونَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِزَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ بِمُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ قَالُوا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللهِ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ الشَّيْبَانِيِّ وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ كَانَتْ الصَّدَقَةُ تُعْطَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ كَانَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَصْلاً مِنْ الآُصُولِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ أَغْنَى عَنْ التَّقْوِيمِ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ أَمَّا مَا رَوَيْتُمُوهُ مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ أَدَاءِ النَّاسِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ مِمَّا ذُكِرَ أَدَاؤُهُمْ إيَّاهُ فِيهِ فَقَدْ رَوَيْتُمُوهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى الأَدَاءِ لاَ عَلَى الْفَرْضِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى فَرْضٍ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ عَلَيْهِمْ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ الْوَضَّاحِ عَنْ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ‏.‏

قَالَ هَذَا الْقَائِلُ‏:‏ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ هَذَا الشَّيْخِ مَا قَدْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرُ أَدَائِهِمْ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَالطَّعَامُ هُوَ الْحِنْطَةُ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الصَّاعَ مِنْ الْحِنْطَةِ قَدْ كَانَ فُرِضَ فِي ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْفَرْضَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرْهُ إِلاَّ فِي حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَا خِلاَفَهُ إيَّاهُ فِي هَذَا الْبَابِ دَاوُد بْنُ قَيْسٍ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا ابْنُ عَجْلاَنَ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ قَالَ سَمِعْتُ عِيَاضَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُخْبِرُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ لَمْ نُخْرِجْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ سُلْتٍ ثُمَّ شَكَّ سُفْيَانُ فَقَالَ دَقِيقٍ أَوْ سُلْتٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَوَاتُرِ الرِّوَايَةِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بِخِلاَفِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْجَمَاعَةُ فِي ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ مَا كُنَّا نُخْرِجُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَقَدْ وَكَّدَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى مَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ رضي الله عنهم عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُد عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ ذِكْرُ مَا كَانُوا يُعْطُونَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ وَهِلاَلُ بْنُ يَحْيَى قَالاَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مَنْ دَفَعَ إلَى أَبِي بَكْرٍ صَاعَ بُرٍّ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ قَالَ أَنْبَأَ حَمَّادٌ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ‏:‏ ذَهَبْت أَنَا وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ إلَى زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ فَحَدَّثَنَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّ أَبَاهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ إنِّي رَجُلٌ مَمْلُوكٌ فَهَلْ فِي مَالِي زَكَاةٌ فَقَالَ عُمَرُ إنَّمَا زَكَاتُك عَلَى سَيِّدِك أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْك عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ صَاعَ شَعِيرٍ أَوْ صَاعَ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد‏:‏، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي صُعَيْرٍ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه نِصْفَ صَاعٍ‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ قَالَ‏:‏ خَطَبَنَا عُثْمَانُ رضي الله عنه فَقَالَ أَدُّوا زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ حِفْظِهِ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي دَاوُد فَحَدَّثَنَاهُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ قَالَ‏:‏ خَطَبَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ أَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ وَمَمْلُوكٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَرْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ إذْ كُنْتُ فِيهِمْ أَنْ يُعْطُوا عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَّ حُمَيْدًا الطَّوِيلَ أَخْبَرَهُمْ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ خَطَبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ مَا لَكُمْ لاَ تُؤَدُّونَ زَكَاةَ شَهْرِكُمْ ثُمَّ قَالَ‏:‏ هَاهُنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏؟‏ قُومُوا إلَى إخْوَانِكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ فَأَمَرَهُمْ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ إنَّ سِعْرَكُمْ رَخِيصٌ لَوْ جَعَلْتُمُوهُ صَاعَ بُرٍّ فَفِي مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ أَنَّهُ يَجْرِي فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مَا قَدْ قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ عَلَى مُخَالِفِيهِ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ‏:‏ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى عُمَرَ بْنِ أَرْطَاةَ كِتَابًا قُرِئَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ أَمَّا بَعْدُ فَمُرْ مَنْ قِبَلَك مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُخْرِجُوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سِوَى الْحِنْطَةِ وَالْحِنْطَةُ نِصْفُ صَاعٍ فَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى النِّصْفِ الصَّاعِ مِنْ الْحِنْطَةِ أَنَّهُ الْمَفْرُوضُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ لاَ مَا سِوَاهُ‏,‏ وَاَللَّهَ، سُبْحَانَهُ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏